المقدمة
وقّعت اتفاقية الدوحة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان في عام 2020، وقد عُرضت على أنها اتفاق لإنهاء الحرب التي استمرت عشرين عاماً في أفغانستان. ومع ذلك، وبناءً على قرائن تاريخية وشواهد غير رسمية، تبدو هذه الاتفاقية متجاوزةً لمجرد عقد سلام وتحمل أبعاداً خفية وآثاراً جيوسياسية واسعة النطاق. النص المعلن عن الاتفاق ركَّز أساساً على انسحاب القوات الأمريكية، وضمانات من طالبان لمنع نشاط الجماعات الإرهابية، وبدء مفاوضات بين الأفغان. لكن المحلّلين والنخب السياسية الأفغانية ظلّوا يشكون بوجود بنود خفية داخل هذه الاتفاقية.
في هذا المقال نعرض ونحلّل ثلاثة بنود خفية منسوبة إلى اتفاقية الدوحة؛ بنودٌ إذا كانت صحيحة فلا تُضعِف فقط استقلال وسيادة أفغانستان بل تحوّلها إلى ساحة لصراعات مصالح دولية واستراتيجية طويلة الأجل.
البند الأول: تسليم المجال الجوي الأفغاني للولايات المتحدة
البند الخفي الأول يزعم أن طالبان، بصفتها مجموعة وليست حكومة شرعية، التزمت بأن تضع فضاء أفغانستان الجوي تحت سيطرة الولايات المتحدة لمدة مائة (100) سنة. وفي المقابل، تلتزم الولايات المتحدة بدفع مبلغ قدره ثمانية وأربعون مليون دولار (48,000,000) شهرياً كمساعدات غير مشروطة لحركة طالبان بصفتهما مجموعة لا بحكم دولة شرعية.
من منظور القانون الدولي، فإن التنازل عن السيادة على المجال الجوي لدولة لصالح دولة أجنبية بواسطة جهة غير حكومية يفتقر إلى أي سند قانوني شرعي. ومع ذلك، في حال تنفيذ مثل هذا الاتفاق، فسيعني ذلك فقدان أفغانستان لسيطرة حقيقية على أجوائها لقرن كامل. هذه الحالة ستضعف استقلال الدولة جذرياً وتعرّض أفغانستان للاستخدام كأداة في معادلات إقليمية وعالمية.
البند الثاني: التعاون الاستخباراتي والعسكري مع الولايات المتحدة
ورد في البند الثاني أن الولايات المتحدة وإمارة طالبان، بصفتها مجموعة وليست حكومة شرعية، ملتزمتان لمدة مائة (100) سنة بتبادل المعلومات عن الجماعات المتطرفة، وتبادل السجناء، والقيام بعمليات مشتركة ضد تنظيمَي القاعدة والدولة الإسلامية (داعش) بتنسيق مع الحكومة الأمريكية. وفي المقابل تتولى الولايات المتحدة تغطية رواتب ونفقات القوات العسكرية التابعة للإمارة في مكافحة الجماعات المتطرفة.
هذا البند يحول طالبان عملياً إلى ذراعٍ أمني للولايات المتحدة في المنطقة. ومن جهة، يرسّخ هذا التبعية كـ«شراكة استراتيجية»؛ ومن جهة أخرى، يقيّد إمكانية طالبان في اتخاذ قرارات مستقلة مستقبلاً. كما أن الربط المؤسساتي بين طالبان وقوة أجنبية سيُضعف من شرعية الحركة داخل المجتمع الأفغاني.
البند الثالث: تسليم القواعد العسكرية والموارد الطبيعية
البند الثالث يحمل آثاراً أعمق. وفق هذا البند، تلتزم طالبان بتسليم خمس قواعد عسكرية استراتيجية (باغرام، شندند، جلال آباد، قندوز، ومزار شريف) للولايات المتحدة لاستخدامها لمدة مائة (100) سنة. كما تُسلَّم للولايات المتحدة بشكل حصري مواردٌ استراتيجية مثل منجم مس عينك، حقول نفط في منطقة أمو، مناجم الحديد، وغيرها من الموارد النادرة تحت الأرض للاستغلال والإخراج لمدة مائة (100) سنة، وذلك بموجب ملاحق ثلاثية لاتفاقية الدوحة.
مقابل ذلك، تلتزم الولايات المتحدة —كما يُذكر— بأن تعترف بحركة طالبان كدولة شرعية وتلغي العقوبات المفروضة، فضلاً عن دفع مساعدات سنوية قدرها أربعة مليارات دولار (4,000,000,000) للحكومة «الشاملة» المزعومة وفق بنود الاتفاق. هذا البند يجعل من أفغانستان فعلياً دولة مُستأجرة أو تابعة للمصالح الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة.
الآثار والتحليل النهائي
رغم أن الوثائق الرسمية لا تؤكد وجود هذه البنود حرفياً، فإن تتبع التطورات السياسية والميدانية في أفغانستان بعد اتفاق الدوحة يكشف عن نتائج عملية تتقاطع مع مضامين البنود المنسوبة أعلاه، ومنها:
•الانسحاب المتسرِّع للولايات المتحدة دون ضمانات حقيقية للاستقرار.
•استمرار وصول وتأثير الولايات المتحدة بشكل غير مباشر في الساحة الأفغانية.
•اعتماد طالبان على دعم مالي خارجي لبقائها السياسي والعملي.
•تآكل استقلالية الاقتصاد الأفغاني نتيجة احتمال تسليم واستغلال الموارد الطبيعية.
سواء كانت هذه البنود حقيقة مادية أو فرضيات تحليلية استراتيجية، فإنها تبرز حقيقة واضحة: اتفاقية الدوحة ليست مجرّد اتفاقية سلام فحسب، بل تبدو كجزء من مخطط جيوسياسي طويل الأجل يقع فيه أفغانستان ضمن مدار مصالح قوى دولية.
الخلاصة
أفغانستان بلد ذو موقع جيوستراتيجي وموارد طبيعية جعلته هدفاً لتنافس قوى إقليمية ودولية على مرّ التاريخ. بدل أن تفتح اتفاقية الدوحة فصلاً جديداً للسلام والاستقرار، فقد شكّلت —بحسب هذا التحليل— مدخلاً لاعتماد بنيوي لطالبان على الولايات المتحدة وتآكل أوسع لاستقلال البلاد. وعي الشباب والقوى الفاعلة داخل المجتمع حول هذه الأبعاد الخفية يمكن أن يشكل خطوة مهمة لإعادة التفكير في مستقبل البلاد ومسار حركته الوطنية.
نص الاتفاقية الكاملة المزعومة (بنود پنهانی)
متن كامل منسوب إلى اتفاقية الدوحة أو «وثيقة المَيْعَة النَّكِرة» في السجل السياسي لأفغانستان بين الولايات المتحدة الأمريكية وإمارة طالبان يحمل ثلاثة بنود خفية وخطيرة مُقدَّمٌ فيما يلي لخدمة الشعب البطل وخصوصاً الشباب الواعي والنساء المناضلات:
المادة / البند الأول: إمارة طالبان بصفتها مجموعة وليست حكومة شرعية، بموجب اتفاقية الدوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية، تلتزم وتتعهد بوضع سماء وفضاء أفغانستان تحت تصرّف الولايات المتحدة الأمريكية لمدة مائة (100) سنة. وفي المقابل تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بدفع مبلغ ثمانية وأربعين مليون دولار (48,000,000) شهرياً للمجموعة (طالبان) كمساعدةٍ غير مشروطة، مع التأكيد أنها تُدفع للمجموعة لا لحكومةٍ شرعية.
المادة / البند الثاني: الولايات المتحدة الأمريكية وإمارة طالبان بصفتها مجموعة وليست حكومة شرعية، وبمقتضى اتفاقية الدوحة، تلتزمان لمدة مائة (100) سنة بتبادل المعلومات حول الجماعات المتطرفة وتبادل السجناء، وكذلك بالتعاون في مكافحة القاعدة والدولة الإسلامية (داعش) بتنسيق مع الحكومة الأمريكية. وفي المقابل تتكفّل الولايات المتحدة بتوفير رواتب ونفقات القوات العسكرية التابعة للإمارة في مواجهة الجماعات المتطرفة.
المادة / البند الثالث: إمارة طالبان بصفتها مجموعة وليست حكومة شرعية، تلتزم بموجب اتفاقية الدوحة بتسليم خمس قواعد وهي: باغرام، شندند، جلال آباد، قندوز، ومزار شريف لمدة مائة (100) سنة لتكون قواعد عسكرية للجانب الأمريكي. وفي المقابل تقوم الولايات المتحدة، كما حصل مع سوريا (بحسب النص)، برفع العقوبات والاعتراف بحركة طالبان كحكومة شرعية. كما تُسلَّم بموجب ملاحق ثلاثية لاتفاقية الدوحة عقود استغلالٍ لمدة مائة (100) سنة لمناجم مس عينك وحقول نفط أمو ومنجم الحديد بالإضافة إلى المناجم النادرة تحت الأرض للدولة الأمريكية لاستخراجها واستخدامها. وفي المقابل تلتزم الولايات المتحدة كمساعدةٍ غير مشروطة بدفع أربعة مليارات دولار (4,000,000,000) سنوياً للحكومة الشاملة وفق بنود اتفاق الدوحة.
تبقى الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بتطبيق هذه الاتفاقية طالما التزمت إمارة طالبان بصفتها مجموعة —وليس حكومة شرعية— لتنفيذ كافة بنود هذه الاتفاقية وخاصة البنود الخفية المدرجة أعلاه، وتبذل جهوداً صادقة في تطبيقها. وفي المقابل تلتزم الحكومة الأمريكية بتطبيق هذا الاتفاق.
اتُّفق على صياغة الاتفاق باللغات الثلاث: الإنجليزية والفارسية (الفارسية/دري) والبشتوية، وله نفس الصفة الرسمية.
الموقعون: عن الولايات المتحدة الأمريكية: زلماي خليل زاد، المبعوث الخاص.
الموقع من جانب إمارة طالبان بصفتها مجموعة لا حكومة شرعية: الملا برادر، ممثل طالبان في مكتب الدوحة.
النتيجة
بعد الفحص والخبرات التحليلية لِبنود اتفاقية الدوحة المزعومة بين الولايات المتحدة الأمريكية كدولة شرعية وإمارة طالبان كمجموعة إرهابية، يظهر أنه في حالة تنفيذ هذه البنود أو إذا التزمت بها إمارة طالبان، فإن مصالح دول الجوار ستكون مهددة. ولذلك فإن تحقيق الوحدة في الأهداف واتخاذ مواقف مشتركة من قِبل حركات المعارضة لطالبان والعمليات المعارضة لحكمها سيصبح ضرورة لإسقاط النظام الإماري أو معالجته. وفي حال إخلال أو إلغاء الاتفاق من جانب إمارة طالبان، فإن ذلك سيغضب الرئيس ترامب الذي يُقال إنه صاحب الباعث الأول لاتفاق الدوحة، مما قد يدفعه إلى اتخاذ إجراءات عسكرية وصفية شديدة ضد بنى الإمارة العسكرية، لا سيما فيما يتعلق بالأسلحة الأمريكية المتبقية بأفغانستان، وقد يأمر بتدمير تلك الأسلحة. وأنتم أيها الشعب تعلمون أن طالبان من دون الأسلحة الأمريكية قد يسقطون سريعاً بيد الشباب المسلحين والنساء المناضلات، وخاصّة المعارضة العسكرية والسياسية، كما حصل في عام 2001 م.
بناءً على ما سلف، فإن تنفيذ اتفاقية الدوحة من قِبل قادة إمارة طالبان أو إلغاءها لن يعالج الأزمة، وفي كلتا الحالتين سيُمهّد ذلك لسقوط وانهيار نظام الإمارة قاطعاً —وبعون الله تعالى— في المستقبل القريب.
التوعية للشباب والقوى الواعية في المجتمع حول هذه الأبعاد الخفية قد تكون خطوة أساسية لإعادة التفكير في مسار مستقبل البلاد.
- قيادة مركز الأفكار التعليمية «حوار الأمة»، الدكتور خالدين ضيايي